فصل: فصل: فيما يلزم الكفيل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.فصل: في كفالة الأبدان:

4305- المقصود من كفالة البدن التزام إحضار المكفول به إن كان ممن يلزمه الحضور، وفي صحتها طريقان:
إحداهما- قولان، والثانية-وهي المذهب- القطع بالصحة، فيصح التكفل بإحضار من ثبت عليه الدين، ومن لم يثبت عليه إن لم يقر، ولم ينكر، وإن أنكر بعد الدعوى، فالأصح جواز الكفالة؛ لأنه يلزمه الحضور إلى انقضاء الخصومة، ولا يصح التكفل إلا بمن يلزمه الحضور عند الاستعداء؛ إذ يستحيل أن يلزم الكفيل ما لا يلزم الأصيل. فلو تكفل رجل بالبصرة بإحضار رجل هو ببغداد، لم يصح، وإن قال: إذا قدم من بغداد، فقد كفلت ببدنه، وجوزنا التعليق، فابتداء لزوم الإحضار عند القدوم.
فرع:
4306- إذا ادعى زوجية امرأة، صحّ التكفّل بإحضارها؛ إذ يلزمها الحضور إذا دعيت.
فرع:
4307- إذا ضمن ردّ الآبق، لزمه السعي في ردّه، فإن مات، لم يلزمه شيء على المذهب، وأبعد من أوجب قيمته.
فرع:
4308- إذا تكفل برد المغصوب من يد الغاصب، صح، إذا جوّزنا كفالة البدن، وهو أولى، لأن الرد مقصودٌ ماليّ بخلاف إحضار من يلزمه الحضور؛ فإن فاتت العين، ففي وجوب قيمتها على الكفيل وجهان: فإن قلنا: تجب، فهل تجب قيمة يوم التلف، أو أقصى القيم الواجبة على الغاصب؟ فيه وجهان.
ويجوز ضمان الأعيان المضمونة، كالمستعار، والمأخوذ على وجه السَّوْم.
ولا يصح ضمان الودائع في أيدي الأمناء؛ إذ لا يلزمهم ردّها، وإنما يلزمهم التخلية بينها وبين مستحقيها، والمعنيّ بضمان الأعيان المضمونة القيام بمؤنة ردّها، ومقاساة ما فيه من مشقة وكلفة.
وإذا لزم البائع تسليم المبيع، جاز ضمانه، بمعنى وجوب القيام بتسليمه، فإن تلف في يد البائع، ففي تغريم الكفيل وجهان: فإن قلنا: يغرم، غرم الثمن على المذهب، وأبعد من قال: يضمن الأقل من القيمة أو الثمن.

.فصل: فيما يلزم الكفيل:

4309- يلزم الكفيل إحضار الأصيل إذا أمكن، وعليه مؤونة الإحضار، فإن امتنع، حُبس حَبْسَ الممتنع من أداء الحق، فإن تعذر الإحضار بغيبة الأصيل إلى مكان لا يُعْدى عليه فيه، أو مات، وعسر إحضاره، فإن لم يثبت عليه شيء، فلا طلبة على الكفيل اتفاقاً. وإن ثبت الحق، فهل يطالب الكفيل بالدين، أو بالأقل من الدين ودية الأصيل، أو لا يطالب بشيء؟ فيه أوجه: أقيسها، وأصحها آخرها، ولا غرم عليه مهما تمكن من الإحضار.
ولا تصح كفالة البدن إلا برضا الأصيل، وأبعد من لم يشترطه، ولا يشترط رضا المكفول له، على الأصح، كضمان المال، ولو كفل برضا المكفول له، دون رضا الأصيل، فهل يملك إحضار الأصيل؟ فيه وجهان، من جهة أن الإذن في الكفالة كالتوكيل في الإحضار، ولو قال: كفلت ببدن فلان، حمل على الكفالة الشرعية، وكذلك الإقرار المطلق بسائر العقود، فإن طلب المكفول له الإحضار، فقال الكفيل: لم يأذن الأصيل في الكفالة، فهل يملك إحضاره؟ فيه وجهان؛ إذ المطالبة بالإحضار كالتوكيل.

.فصل: في بيان الموضع الذي يحضر فيه الأصيل:

4310- إذا لم يبين موضع الإحضار، صح التكفل قولاً واحداً، ولزم الإحضار في محل الضمان، وإن قيد الإحضار بمكان معين، لزم الإحضار فيه، ومهما أحضره الكفيل برىء من الضمان، إن تمكن منه المكفول له، وإن لم يتمكن منه لتعززه، وتمنعه، فالضمان بحاله.
وإن أحضره بالقرب من محل الإحضار المطلق أو المقيد، فإن كان في إحضاره إلى موضع الإحضار كلفة ومؤونة، لم يبرأ، وإن لم يكن، ففي البراءة وجهان.
والاعتبار في ذلك بالكُلفة والمؤونة، دون المسافة. ولو أحضره، فقال المكفول له: لا أقبله الآن، ولا أتسلمه، برىء اتفاقاًً.

.فصل: في تعليق الكفالة:

4311- إذا قال: إذا جاء رأس الشهر، فقد كفلت ببدن فلان، ففي صحة الكفالة وجهان.
وإن علّق بما يتقدم ويتأخر كالحصاد، فوجهان مرتبان، وأولى بالبطلان.
وإن علقها بمجهول قد يكون، وقد لا يكون، كقدوم إنسان، فوجهان مرتبان.
ولو نجز الكفالة، وعلق الإحضار على شهر، صح على المذهب، ولم يلزم الإحضار إلا بعد الشهر، فإن أحضره قبل الشهر، برىء عند المزني، وقال ابن سريج: لا يبرأ، إن كانت بيّنة المكفول له غائبة، أو كان دينه مؤجلاً بالشهر، وإن لم يكن شيء من ذلك، ففي إجباره على القبول وجهان، كما في الإجبار على قبض الدين المؤجل.
ولو نجز الكفالة، وعلق الإحضار بالحصاد، أو بقدوم زيد، ففيه خلاف مرتب على صور التعليق، وصور التنجيز، وأولى بالصحة من صور التعليق، وهذه الصور بأعيانها جارية في تعليق التوكيل.

.فصل: في دعوى الكفيل براءة الأصيل:

إذا ادعى الكفيل أن المكفول له قد أبرأ الأصيل، فالقول قول المكفول له. فإن نكل عن اليمين، فحلف الكفيل، برىء من الضمان، ولا يسقط دين الأصيل؛ إذ لا نيابة في اليمين. وإن حلف المكفول له، طالب الكفيل بإحضار الأصيل. فإن قال الأصيل: ليس لك إحضاري؛ لإقرارك ببراءتي، فعلى الخلاف المذكور في المؤاخذة بالإقرار الواقع في أثناء الخصام، إذا قامت البينة بخلافه، والوجه القطع بإيجاب الإحضار؛ إذ لو لم يثبت، لاتخذ الكفلاء ذلك ذريعة إلى إسقاط الضمان.
وإنما ينقدح الخلاف في الرجوع بعد الغرم إن كانت الكفالة بمال.
ولو قال الكفيل: تحققت أن كفالتي وقعت بعد الإبراء، ففي سماع دعواه للتحليف وجهان يجريان في كل عقد يُدّعى بعده ما يتضمن إبطاله.

.فصل: في الكفالة بأهل الحدود، وبإحضار الموتى:

4312- إذا تكفل بإحضار من لزمه حد، فثلاثة أوجه: ثالثها- تخصيص الصحة بحقوق الآدمي، كحد القذف، والقصاص. ولو مات المكفول به، ففي انقطاع الكفالة بموته وجهان؛ إذ جميع العقود والتصرفات مقيدة بحال الحياة.
وتصح الكفالة ببدن الميت، حيث يجب إحضاره مجلس الحكم؛ لإقامة الشهادة على عينه، وصورته، وكذلك تصح بإحضار الصبيان لإقامة بينة أو غير ذلك، ويعتبر فيه إذن القوّام.
فرع:
4313- إذا كفل ببدن إنسان، فمات المكفول له، ففي انقطاع الكفالة أوجه: أقيسها- أنها لا تنقطع بموته، بل تبقى لورثته، كما في ضمان الديون.
وثالثها-وهو ضعيف- إن كان في التركة وصي أو كان على الميت دين، استمرت الكفالة، وإلا فلا.

.فصل: فيمن كفل به جماعة، وأحضره أحدهم:

إذا كفل ثلاثة بإحضار زيد، فأحضره أحدهم، فقد برىء، وفي براءة صاحبيه قولان مخرجان، بخلاف أداء الدين في الضمان؛ فإنه المقصود الأقصى، وكفالة الأبدان وسيلة، لم يحصل مقصودها بمجرد الإحضار.
ولو كفل به ثلاثة، وكفل كل واحد بإحضار صاحبيه، صح، فإن أحضره أحدهم برىء، وبرىء الآخران عن ضمان المحضِر، وفي براءتهما عن أصل الضمان القولان. فإن قلنا: لا يبرآن، وهو القياس، فعلى المحضِر إحضار صاحبيه، والكفالة باقية عليهما، فلو حضر زيد بنفسه، ثم غاب، فينبغي ألا يبرأ الكفلاء بذلك، بخلاف تأدية الدين؛ إذ لا مقصود وراءه.

.فصل: في ألفاظ الكفالة وما تضاف إليه:

4314- إذا قال: كفلت ببدن فلان، أو عليَّ إحضاره، أو التزمت إحضاره، أو أنا بإحضاره كفيل، أو قبيل، أو قال: ضمنت، صح. وإن قال: أُحضره، لم يصح؛ لأنه وعد، وإن قال: كفلت ببدنه، أو وجهه، صح، ولعل الرأس في معنى الوجه.
وإن أضاف الكفالة إلى عضو آخر، كاليد والرجل، فأوجه: أحدها: يصح في كل عضو يضاف إليه الطلاق.
والثاني: يختص بالوجه. والثالث: يبطل إلا أن يضاف إلى مالا يقوم البدن إلا به، كالرئة، والظهر، والكبد، والقلب، وهذا بخلاف الطلاق؛ فإنه قويٌّ سارٍ، ولذلك لو حصره في شهر، سرى إلى ما بعده، ولو حصر الكفالة في شهر، اختصت به اتفاقاًً.

.فصل: في الشهادة على الضمان:

4315- إذا ادعى عشرة، ولم يذكر سببها، فشهد بها شاهد، وشهد الآخر بخمسة، ثبتت الخمسة اتفاقاًً، ولو ادعى عشرة من ضمانٍ أو غيره، فشهد بها شاهدان، وقال أحدهما: قد قضى منها خمسة، فهل تثبت العشرة أو خمسة؟ فيه وجهان. فإن أثبتنا العشرة، فللمدين أن يحلف مع شاهد القضاء بشرط إعادة الشهادة بعد ادعاء القضاء، وأبعد من أجاز الحلف من غير إعادة الشهادة. فإن حلف، سقطت الخمسة، ولو ادعى ضمان عشرة، فشهد أحدهما بذلك، وشهد الآخر بضمان خمسة، فإن حلف، استحق العشرة، وإن لم يحلف، لم يستحقها. وهل يستحق خمسة؟ فيه وجهان.
ولو ادعى عشرة عن ضمان، فشهد أحدهما أنه ضمنها عن زيد بن خالد بن بكر، وقال الآخر: ضمنها عن رجل أعرف عينه دون نسبه، ثبتت العشرة. وأبعد من قال: لا تثبت.
ولو ادعى أنه ضمن له عن زيد بن خالد، فشهد اثنان أنه أقر بضمان العشرة، ولم يتعرضا لاسم الأصيل، فالمذهب ثبوت العشرة. وأبعد من طرد فيها الوجه المذكور في الصورة السابقة.

.كتاب الشركة:

4316- لا يصح من الشِّرَك إلا شركة العِنان، وأبعد من أجاز شركة الأبدان، وهي الاشتراك في الصنائع والأعمال، وشركةُ الوجوه، كالقراض الفاسد، وهي أن يكون لأحدهما مال، وللآخر خبرة بالتجارة ووجهٌ عند التجار، فيشتركان على أن يكون المال من أحدهما والعمل من الآخر، ولا يسلم إليه المال.
وشركة المفاوضة أن يتشاركا في الغرم والغنم من غير خلط في المال.
وتجوز شركة العنان بالنقدين، وفي غيرهما من العروض وجهان، والفتوى بالصحة.
ولا خلاف أنها لا تتم إلا بخلط المال بشيوعٍ حكمي، أو خلط حسّي، لا يمكن معه التمييز في الحس والعِيان، فلا يتأتى ذلك بين الصحيح والمكسر، والعتيق والحادث، والمختلف النقوش والألوان، وإن تعذر التمييز لكثرة المخالط. فإن اختلف الجنس، فلا شركة، كالسمسم مع الكتان.
وإن اتحد الجنس واختلف النوع: كالبرّ الأصفر مع الأحمر، فوجهان: والأوجه المنع.
وإن استوى عرْضان في الوصف والقيمة، والْتبس أحدهما بالآخر التباساً مأيوس الزوال، فلا شركة.

.فصل: فيما يشترط في شركة العنان:

4317- حقيقة الشركة اختلاط المال، ويشترط الإذن في التصرف من الجانبين، أو من أحدهما، فإن كان الإذن من أحدهما، فللآخر أن يتصرف في نصيب نفسه، وهل يملكان التصرف بقولهما: "اشتركنا"؟ فيه وجهان. ولا يشترط التساوي في قدر المال، خلافاً للأنماطي، وفي اشتراط علمهما بقدر المالين وجهان. وشرط العلماء في الشركة أن تعقد بعد اختلاط المال، فإن تقدم العقد على الخلط، لم يصح إذا وقع الخلط بعده. وفيما قالوه نظر؛ لأن إذنهما توكيل من الطرفين، فإن علقاه على الخلط، خرج على تعليق التوكيل. وإن نجزاه، فالوجه القطع بصحته واستمراره إلى ما بعد الخلط، إلا أن يشترطا إفراد كل واحد من النصيبين بالتصرف.
فرع:
4318- إذا كان التصرف من الجانبين، لم يشترط انفراد أحدهما باليد، وإن كان من أحدهما، فوجهان، بناهما الإمام على الخلاف في شرط الزيادة للمنفرد بالتصرف، فإن منعناه، لم يشترط انفراده باليد، وإن أجزناه، فإن لم يشترطاه، فلا يشترط الانفراد باليد، وإن شرطاه، ففي الانفراد باليد الوجهان.
فرع:
4319- إذا باع أحد الشريكين العبد بإذن شريكه، مع جهلهما بقدر ملكهما، ففي صحة البيع وجهان: فإن قلنا: يصح، تعدى الابهام إلى الثمن.

.فصل: في توزيع الربح والخسارة على رؤوس الأموال:

4320- وضع الشركة على توكيل بالتصرف مضافٍ إلى التصرف بالملك. ولا تتغير بها القواعد، فيجب توزيع الربح والخسارة على رؤوس الأموال، فإن شرطا تفاوتاً، فإن كان التفاوت في الخسران، بطل الشرط، كأن كان في الربح، فإن استويا في العمل، وقدر المال، بطل الشرط، وإن استويا في المال، وتفاوتا في العمل، فإن شرطت الزيادة لمن زاد عمله، ففي ثبوتها وجهان: أقيسهما- الثبوت؛ لمقابلتها بالعمل، فإن قلنا: لا تثبت، فانفرد أحدهما بالعمل، أو بزيادة فيه، فإن صرحا بالتوزيع على الأموال، فالعامل متبرع، وإن أطلقا الشركة على أن ينفرد أحدهما بالعمل، أو بزيادة فيه، فهل يلحق بمن استعمل إنساناً، ولم يُسمّ له أجرة؟ فيه وجهان والفرق جريان العادة بتسامح الشركاء في الأعمال.

.فصل: في حكم الشرط الفاسد:

4321- إذا فسد اشتراط التفاوت في الربح، ففي فساد الشركة وجهان. والمعظم على نفي الفساد؛ للاتفاق على تنفيذ التصرف وتوزيع الأرباح على رؤوس الأموال.
وقال أبو علي: يظهر أثر الفساد في حكمٍ واحد، وهو إذا استوى المال، وشرطت الزيادة لمن زاد عمله، ثم فسدت الشركة بسبب من الأسباب؛ فإنه يستحق أجرة المثل لما عمل على نصيب شريكه، ولا يستحق الزيادة المشروطة، ولو فسدت الشركة، وقد زاد عمل أحدهما، ولم يشترط له شيء، فالأصح أنه لا أجرة له، فإن أوجبناها، فقد ظهر الفرق بين الشركة الصحيحة والفاسدة. ولو استويا عملاً ومالاً، لم يظهر فائدة الفساد إلا على منع التقاصّ، ولا خلاف أن الشركة لو صحت، لم يطالب أحدهما بأجرة عمله، ولا بزيادة.
وتنتفي الشركة بانتفاء الخلط، لأنه حقيقتها، ولذلك أبطلنا شركة الأبدان.
ولو اشتركا في التصرف، وشرط انفراد أحدهما باليد، فالشرط فاسد، وفي فساد الشركة الوجهان.

.فصل: في فسخ الشركلة وانفساخها:

الشركة عقد جائز، لأنها توكيل من الجانبين، أو من أحدهما، فأيهما مات أو جن، انفسخت، فإن أراد الوارث تجديدها، فليعقدها مع الشريك الباقي، وينعزلان بقول أحدهما: فسخت الشركة.
ولو عزل أحدهما الآخر، اختص العزل بالمعزول، وبقي العازل، واقتسامهما المال كاقتسام سائر الشركاء، فإن خلطا رديئاً من أموال الربا بجيد، كزيت رديء بجيد، قسم بينهما على ما ذكرناه في باب التفليس، ولو كان لهما دين على رجلين، فأراد أن ينفرد كل واحد منهما بما على أحد الرجلين، فإن جوزنا بيع الدين من غير المدين، فليشتر كل واحد منهما نصيب الآخر من الدين على أحد الرجلين بعين، فيصير مختصاً به.

.فصل: في الشركة في المنافع:

لا تصح الشركة بالمنافع لامتيازها، فلو كان لرجل بغل ولآخر راوية، فشاركهما من يسقي بالبغل والراوية على أن يكون الماء بينهم، لم تصح الشركة، فإذا استقى ماء مباحاً، فأصح الطريقين أنه إن نوى نفسه، اختص بالماء اتفاقاً، وعليه أجرة البغل والراوية، وكذلك يلزمه الأجرة إن استقى من ماءٍ يملكه.
وإن نوى نفسه وصاحبيه، فهل يشاركانه في الماء؟ فيه وجهان: فإن منعنا المشاركة، لزمته الأجرة، وإن أثبتنا المشاركة، فالماء بينهم أثلاثاً. وقيل:
يشتركون فيه على قدر الأجور، فإن ثلَّثناه، فلا تراجع، وإن وزعناه على الأجور، فيرجع كل واحد على كل واحد من صاحبيه بثلث أجرة المثل لما بذل. والطريقة الثانية- فيه للشافعي ثلاثة نصوص-: أحدها: اختصاص الماء بالمستقي، والثاني: يتشاركون فيه، ويتراجعون بالأجور ثُلثاً ثُلثاً، والثالث: التقسيط على قدر الأجور.
وهذا تخليط لا يصح.
فرع:
4322- إذا استأجر رجل بغلاً وراوية ومُسقياً لاستقاء ماء مباح، فإن أفردت كل منفعة بإجارة، صح، ووقع الماء للمستأجر-وإن نوى الأجير نفسه- لاستحقاق منافعه بالإيجار، وكذلك الإيجار لإحياء الموات، وتملك المباحات.
وإن استؤجر الجميع في صفقة واحدة، ففي صحة الإجارة قولان: فإن قلنا: تصح، وزع المسمى على قدر الأجور. وإن قلنا: لا تصح، فالذي ذكره أبو علي: أن الماء للمستأجر-وإن نوى الأجير نفسه- لأن منافعه مضمونة بالأجرة، وقال الإمام: إذا نوى نفسه، فالوجه إيقاع الماء له، وسقوط أجرته، وعليه أجرة البغل والراوية.
ولو كان لأحدهم بغل، وللآخر بيت رحا، ولآخر حجرها، فشاركهم رابع على أن يعمل والحاصل بينهم، لم يصح. فإن استؤجر العامل لطحنٍ في الذمة، فطَحَنه، استحق المسمى، وعليه الأجرة لأصحابه، ولذلك لو غصب البيت والحجر والبغل، أو استأجر ذلك إجارة صحيحة أو فاسدة؛ فإنه يستحق المسمى، وعليه أجرة المثل، في الغصب والإجارة الفاسدة، والمسمى في الإجارة الصحيحة، وإن أوقع الإجارة على عين الطاحن والبيت والرحا، صح إن كان في عقودٍ، وإن كان في عقدٍ، فقولان. فلو ألزم ذمم الأربعة طحن حب معلوم، صح اتفاقاًً. فإن وقع الطحن بالأعيان التي اشتركوا عليها، استحقوا المسمى أرباعاً، ولكل واحد على أصحابه ثلاثة أرباع أجرة المثل.

.فصل: في الشركلة بالمنافع والأعيان:

4323- ولو كان لأحدهم أرض، وللآخر بَذْر، وللثالث آلات الحرث، فشاركهم رابع على أن يزرع ويكون الزرع بينهم، لم يصح، والزرع لمالك البذر، وعليه لأصحابه كمال أجور الأمثال.
ولو كان لأحدهم ورق، وللآخر بزر القز، فشاركهما آخر، على أن يعمل ويكون الفَيْلَج بينهم، لم يصح. ولو اشتركوا في البزر، أو باع أحدهم بعض الدود من صاحبيه، اشتركوا في الفَيْلَج، ولا نظر إلى التفاوت فيما يخرج من الدود، كما لا ينظر في البذر المشترك إلى التفاوت فيما يُنبت وما لا ينبت.
فرع:
4324- إذا استؤجر لتملكِ مباحٍ، كالاحتطاب والاحتشاش، جاز، وحصل الملك للمستأجر، وإن توكل في ذلك، فوجهان، خصهما الإمام بما إذا قصد بذلك موكله، وقطع بأنه إن قصد نفسه، ثبت الملك له، وفي احتطابه بغير إذنه تردّد، والظاهر حصوله للوكيل.

.فصل: في الاختلاف:

4325- إذا أراد أحدهما ردّ المبيع بالعيب، وأراد الآخر إمساكه، ففي انفراده بالردّ قولان، وإن غبن أحدهما في الشراء، فإن كان الثمن في الذمة، فالعقد له، وإن كان بالعين، لم يصح في نصيب شريكه، وفي نصيبه قولان، ولو تنازعا عيناً في يد أحدهما، فادعى الخارج أنها للشركة، وقال ذو اليد: بل هي لي، فالقول قول ذي اليد، مع يمينه، فإن كان المال عشرين، وفي يد أحدهما عشرة، يدعي أنها حصلت له بالقسمة، وأنه سلم إلى الآخر عشرة، فالقول قول الخارج في نفي القسمة، وقول الداخل في الخمسة التي ادعى ردّها إليه من جملة العشرة، وتقسم العشرة التي في يده بينهما، بعد أن يحلف كل واحد منهما على نفي ما ادعى عليه.